توقعات بمزيد من الهبوط في السعر الرسمي للجنيه.. وضغوط إضافية لتوفير الدولار

الأحد 24-05-2015 PM 03:07
توقعات بمزيد من الهبوط في السعر الرسمي للجنيه.. وضغوط إضافية لتوفير الدولار

دولارات أمريكية - الصورة من رويترز

كتب

-      ثلاثة بنوك استثمار تقدر وصول الدولار إلى 8 جنيهات بنهاية العام الحالي أو النصف الأول من العام المقبل 

كتب: عبدالقادر رمضان ومحمد جاد

توقع عدد من بنوك الاستثمار موجة جديدة من الهبوط في سعر صرف الجنيه أمام الدولار في السوق الرسمي، ليتجاوز الثمانية جنيهات للدولار، وذلك بنهاية العام الحالي أو النصف الأول من العام المقبل.

وبالتوازي  مع ذلك من المتوقع أن تظل مصر تحت ضغوط لتدبير النقد الأجنبي في الأجل المتوسط وذلك لأن استعادة وتيرة النمو الاقتصادي خلال الفترة المقبلة تتطلب التوسع في الاقتراض من الخارج لاستيراد الوقود ومستلزمات الإنتاج.

واتفقت 3 بنوك استثمار، وهي هيرميس وفاروس وبرايم، على أنه بالتأكيد سيشهد الجنيه مزيداً من الانخفاض، إلا أنها اختلفت على توقيت حدوث هذا الانخفاض.

وبينما توقع بنكا فاروس وبرايم أن تتراجع العملة المحلية تدريجيا بداية من النصف الثاني من العام الجاري، فإن هيرميس رجح أن تتأخر هذه الخطوة لنهاية العام، انتظارا لما ستسفر عنه الإجراءات المرتقبة للحكومة والمتعلقة بزيادة أسعار المواد البترولية والكهرباء في إطار خطتها لإصلاح منظومة الدعم.

وحافظ البنك المركزي على سعر الصرف الرسمي مستقرا على مدى أكثر من ثلاثة أشهر بعد أن سمح للجنيه بالانخفاض في بداية العام الحالي في مسعى للقضاء على السوق السوداء. وساعدت هذه الخطوة وإجراءات أخرى على تقليص نشاط السوق السوداء.

ومنذ ذلك الحين يجري تداول الدولار رسميا بين البنوك بسعر 7.53 جنيها، بينما استقر سعره للبيع من البنوك عند 7.63 جنيها.

وتوقع هاني جنينة، رئيس قسم البحوث في فاروس، أن يقوم البنك المركزي بخفض "ملحوظ وسريع" في سعر الجنيه خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، ليصل سعر الدولار إلى ما بين 7.90 وثمانية جنيهات على الأقل قبل نهاية العام الجاري.

إلا أن إيمان نجم، محللة الاقتصاد الكلي في برايم، توقعت أن يستقر سعر الدولار عند مستوى لا يزيد على 7.70 جنيها حتى نهاية العام المالي الجاري في يونيو المقبل، ليبدأ بعدها الجنيه في الهبوط ليصل سعر الدولار إلى مستوى الثمانية جنيهات بنهاية العام الحالي أو النصف الأول من العام المقبل.

وبينما رجح محمد أبو باشا، محلل الاقتصاد الكلي في هيرميس، حدوث مزيد من التراجع في قيمة الجنيه مع بداية العام القادم، إلا أنه قال إن التعجيل بتخفيض الجنيه لمستوى الثمانية جنيهات خلال النصف الثاني من العام الجاري "وارد" ولكن ذلك يتوقف على الإجراءات الإصلاحية في الموازنة العامة للدولة للعام المالي الجديد، المتعلقة بتطبيق ضريبة القيمة المضافة ورفع أسعار الطاقة.

السوق السوداء

قالت محللة برايم إن البنك المركزي سيواصل سياساته في محاربة السوق السوداء "بكل قوة"، وذلك إلى أن تبدأ نتائج مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي في الظهور من خلال ضخ استثمارات أجنبية مباشرة في السوق إلى جانب تحسن إيرادات السياحة والصادرات، ليبدأ بعدها في ترك سعر الصرف لآليات العرض والطلب ثم الحفاظ عليه عند مستواه المناسب تكرارا لسيناريو 2003- 2005.

"في عام 2003 سمح البنك المركزي بتصحيح كبير في سعر الصرف ليرتفع من حوالي 4.60 جنيها أمام الدولار إلى 6.20 جنيها ثم مع دخول الاستثمارات الأجنبية وتحسن السياحة في عام 2005 بما حسن من أداء ميزان المدفوعات، عاد المركزي للحفاظ على سعر رسمي يدور حول 5.5 جنيها" تقول نجم.

ويضع البنك المركزي منذ بداية فبراير الماضي حدا أقصى للإيداع النقدي بالدولار عند عشرة آلاف دولار يوميا للأفراد والشركات وبإجمالي 50 ألف دولار شهريا، بما ساهم في تلاشي الفارق بين السعر الرسمي والسعر في السوق السوداء، بعد أن كان أكثر من 10% قبل عامين، إلا أن هذه الإجراءات خلقت تحديات كبيرة أمام المستوردين الذين عجزوا عن تدبير احتياجاتهم من الدولارات عبر السوق الرسمي أيضا.

ويتفق أبو باشا مع نجم على أن المشكلة الهيكلية ليست في رفع القيود على إيداع الدولار وإنما في توافره بالأساس، فالمشكلة متعلقة بالعجز في ميزان المدفوعات حيث أن النقد الأجنبي المتدفق للخارج يفوق المتدفق للداخل.

وقال أبو باشا إن تصحيح هيكل المعروض من الدولارات في السوق سوف يحل الأزمة بغض النظر عن وجود قيود مفروضة على الإيداع الدولاري من عدمه.

تقديرات مختلفة   

في مقابل التوقعات بإجراء مزيد من التخفيض في السعر الرسمي للعملة، أبقى هاني فرحات، الخبير الاقتصادى فى بنك الاستثمار سي آي كابيتال، على توقعاته لسعر صرف الجنيه أمام الدولار خلال الفترة المقبلة وذلك عند نفس المستوى الحالي، مقدرا عدم زيادته على 7.70 جنيه بنهاية العام الجاري.

واستبعد فرحات أن يلامس الدولار مستوى الثمانية جنيهات خلال العام الجاري، حيث أن زيادة الاحتياطي الأجنبي على 20.5 مليار دولار، بسبب وصول الودائع  الخليجية  للبنك المركزى، سيساهم فى احتفاظ العملة المحلية بمستواها.

وقال "إننا أيضا نعطي وزنا كبيرا لاعتبارات التضخم المحتملة نتيجة أى انخفاض محتمل للجنيه أمام الدولار خاصة فى ظل عدم  تقبل الرأي العام لزيادة الأسعار خلال الأسابيع الماضية".

إلا أن أبو باشا يرى أن الودائع الخليجية الجديدة سوف تمكن المركزي من إصلاح سعر الصرف بدون ضغوط تلزمه بضرورة استعجال تخفيض سعر الجنيه، وتمهله فرصة لمراقبة تأثير الإجراءات الحكومية المرتقبة بخصوص إصلاح الدعم في بداية العام المالي الجديد على التضخم.

وأشار أبو باشا إلى أن هذا السيناريو يتطابق مع التخفيضات التي شهدتها العملة المحلية بداية العام الجاري، حيث انتظر البنك المركزي فترة زمنية لدراسة تأثير زيادة أسعار المحروقات والكهرباء وما تبعها من زيادات في السلع الأخرى في يوليو الماضي، وعندما اطمأن إلى عدم انفلات التضخم اتخذ قراره بخفض الجنيه.

وبحسب آخر بيان للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تراجع التضخم في أبريل الماضي إلى 11% مقارنة بـ 11.5% على أساس سنوي.

ويرى جنينة أن المركزي سوف يواجه ضغوطا جديدة لتوفير النقد الأجنبي اللازم لاستيراد الفحم والغاز لتشغيل محطات الكهرباء والمصانع، وليس فقط لقائمة السلع الاستراتيجية التي يمنحها الأولوية في توفير الدولار.

"الودائع الخليجية الجديدة سوف تستنزف في غضون أربعة أو خمسة أشهر في العطاءات الدورية للمركزي لتوفير الدولار للمستوردين، إلى جانب الوفاء بالتزامات مصر تجاه نادي باريس، ورد الجزء الأخير من الوديعة القطرية بقيمة مليار دولار، خلال النصف الثاني من العام الجاري، تبعا لجنينة.

ويقول جنينة إن هناك فرصة لا تزال سانحة أمام المركزي لمواصلة خفض سعر العملة المحلية دون إحداث أثر تضخمي، في ظل انهيار أسعار الغذاء والبترول العالمية. "الحمد لله ربنا ساعدنا والتضخم بينزل في العام كله.. لابد أن نستثمر هذه الفرصة".

مزيد من الضغوط

في الوقت الذي حسنت فيه وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد أند بورز من رؤيتها لمصر من "مستقرة" إلى"إيجابية"، في تقريرها الأخير، بسبب تطبيق الحكومة لإصلاحات محفزة للنمو، فإنها توقعت تزايد التزامات مصر المالية تجاه العالم الخارجي في السنوات القادمة مقابل ما يدخل للبلاد من نقد أجنبي.

فقد توقع التقرير، الصادر منتصف هذا الشهر، ارتفاع صافي الالتزامات الخارجية، التي تشمل المستحقات المالية على القطاعين العام والخاص تجاه العالم الخارجي، كنسبة من النقد الأجنبي المتدفق إلى البلاد من 100% في 2014 إلى 125% خلال العام الحالي، ثم إلى 158% في 2018.

"زيادة الالتزامات الخارجية ترتبط باستعادة وتيرة النمو الاقتصادي، حيث تتزايد حاجة البلاد لاستيراد معدات الإنتاج والطاقة" كما يقول أبو باشا.

ويقول باسكال دوفو، المحلل الاقتصادي ببنك بي إن بي باريبا، إنه في الوقت الذي يتوقع فيه أن ترتفع الديون الخارجية لمصر لتمويل توسعات في مشروعات بنية أساسية وطاقة، فإنه من المتوقع أيضاً أن يقل النقد الأجنبي المتدفق لها من مساعدات الخليج، كما قد تتأثر سلبا تحويلات المصريين العاملين بالخليج مع انخفاض أسعار النفط.

وأضاف محلل هيرميس أنه من المتوقع أن تتزايد معدلات إنتاج مصر من الغاز في 2018-2019 "وهو ما سيخفف من تلك الضغوط مع تعافي منتظر في السياحة والصادرات".  

تعليقات الفيسبوك