x

المصري اليوم ديفيد إجناتيوس يكتب: روسيا «مجروحة».. ولكنها لاتزال قادرة على العض المصري اليوم الأحد 06-11-2016 21:16


نقلاً عن صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية

أياً كان الفائز بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، فإنه سيواجه روسيا المتضررة بكل تأكيد، والتى يثير سلوكها المُجازف والمُخاطر فى عهد الرئيس فلاديمير بوتين القلق على نحو متزايد بالنسبة للخبراء فى الولايات المتحدة.

روسيا اليوم الانتهازية والمتغطرسة والعنيدة تمثل مفارقة، استنادا إلى معظم المقاييس، فهذه الدولة تشهد تدهورا، مع تراجع الاقتصاد، وأساس تكنولوجى متخلف، وانكماش عدد السكان. الفساد منتشر فى كل قطاع تقريبا. انهيار الاتحاد السوفيتى لا يزال جرحا مفتوحا، والعديد من الروس يلقون اللوم على الولايات المتحدة باستغلالهم خلال سنوات انحدارهم.

لكن روسيا الضعيفة داخليا تستعرض غرورها من قتال الشوارع. وتخوض الحرب فى سوريا وأوكرانيا والفضاء الإلكترونى، مع ازدراء ظاهر لقوة الولايات المتحدة. ووفقا لمدير الاستخبارات الوطنية، جيمس كلابر، سعى القراصنة الروس «للتدخل فى العملية الانتخابية للولايات المتحدة»، بإيعاز من أعلى المستويات فى الحكومة الروسية.

«تعريف بوتين للمخاطرة تطور فى اتجاه مزيد من الجرأة، واهتمام أقل لمدى تأثير ذلك على الولايات المتحدة»، حسبما يقول ديمترى سيميز، رئيس مركز نيكسون.

وأضاف أن «بوتين يعتقد أن الحوافز الإيجابية الأمريكية تكاد تكون معدومة، والعقوبات فى الحد الأدنى لها، وسيتم فرضها أيا كان ما يفعله».

الرئيس المقبل يجب أن يُقَيِّم كيفية تغيير السلوك الروسى دون مواجهة عسكرية مباشرة. لكن هل ذلك أفضل من خلال عقد الصفقات مع بوتين، كما اقترح دونالد ترامب؟ أو ينبغى أن تكون عملية أكثر حزما لتأكيد قوة ومصالح الولايات المتحدة، كما أكدت هيلارى كلينتون؟ وهذه قد تكون أكبر قضية أمن قومى فى الانتخابات.

وينبغى أن تبدأ استراتيجية الولايات المتحدة فى المستقبل بفهم واضح للكيفية التى ينظر بها «كرملين» بوتين إلى العالم. وهنا، يقدم كبار المحللين للولايات المتحدة بعض التحذيرات المثيرة للقلق، فموسكو ترى نفسها الطرف المجروح الذى يقاتل للعودة بعد عقود من هيمنة الولايات المتحدة. بوتين، الضابط السابق فى المخابرات السوفيتية، يحول الأدوات من عمليات التخريب والمعلومات السرية خلال الحرب الباردة ضد الولايات المتحدة.

«لا يبدو أن الأدلة تشير إلى أن بوتين يفضل مرشحا واحدا على الآخر. وبدلا من ذلك، فإنه يشير إلى أنه يفضل الفوضى. هو يريد أن تبدو العملية السياسية الأمريكية سيئة»، حسبما كتبه محلل الأمن القومى، جيمس لودس، فى مدونة «وور أو ذا روكس» تحت عنوان «الروس قرأوا قواعد لعبتنا فى الحرب الباردة». وتشمل الموضوعات الدعائية الجديدة لموسكو مراقبة حكومة الولايات، والفساد السياسى الذى يصب فى صالح النخب والانتخابات المزورة، كما يقول.

وقد اتسمت استراتيجية روسيا بأنها «حرب هجينة»، لكن المؤرخ أنجوس جولدبرج أكد، فى صحيفة «سمول وور جورنال»، أن هناك مصطلحاً أفضل هو الكلمة الروسية «bespredel» أو «بيسبريديل»، التى تعنى «عدم وجود حدود»، أو «كل شىء مباح». وهى كلمة كثيرا ما نستخدمها لوصف سلوك القلة الفاسدة التى ازدهرت فى عهد «بوتين».

«وتتفاوت أسلحة موسكو الجديدة عبر طيف من القوة الصلبة والناعمة، العلنية والسرية. وما يربطها معا كنظام متماسك هو استعداد الاتحاد الروسى لتنفيذها دون أى قيود»، وفقا لما كتبه «جولدبيرج».

و«بوتين» نفسه يُظهر مجموعة غير عادية من سمات الشخصية. «ويمكن أن يكون عاطفيا، عنيدا، وحتى متهورا»، حسبما قاله الخبير الروسى فى جامعة كولومبيا، ستيفن سيستانوفيتش، ويضيف: لكن «بوتين» يقظ وماكر أيضا. «الروس لديهم مقولة: قس سبع مرات، واقطع مرة واحدة. وبوتين هذا النوع من الرجل الحذر».

على مدى السنوات القليلة الماضية، زاد تحمل «بوتين» للمخاطر بوضوح، «فى تاريخ الحرب الباردة، لم يفعل الروس أى شىء عن بُعد مثل التدخل فى سوريا،» كما ذكر «سيستانوفيتش»، موضحا أن موسكو تعتقد أن «مجازفة تسديد الدَّيْن الخطير أقل مما كانت عليه من قبل».

يتشكل سلوك «بوتين» أيضا من خلال الصعود المتزايد للمسؤولين العسكريين والاستخبارات فى دائرته الداخلية. ومِثْل «بوتين»، قدامى المحاربين فى الحرب الباردة الذين لديهم شعور بالظلم ضد الولايات المتحدة. ووصف إحدى الشخصيات الروسية المهمة النظرة العالمية لهؤلاء العاملين فى الكرملين بقوله: «نحن مُحاصَرون، أمريكا تريد تدميرنا، الشىء الوحيد الذى نفهمه هو القوة».

ويُرجعنا ذلك إلى السؤال عن يوم الانتخابات: أى نهج للتعامل مع هذا التهديد، روسيا.. الحديث يروق لنا أكثر؟ ويخشى العديد من المحللين أن كلمات استرضاء «ترامب» ستتم قراءتها فى موسكو باعتبارها علامة على استنزاف الولايات المتحدة، ما يغذى المطالب الجديدة.

وقال خبير الأمن السيبرانى، ديمترى ألبيروفيتش، إنه «إذا لم يتم ردع التدخل السرى لموسكو، فستلعب مرارا وتكرارا فى أنحاء العالم».

وموقف «كلينتون» المتشدد يبدو وكأنه وسيلة أفضل لحماية المصالح الأمريكية، طالما أنها لن تجعل «بوتين» يشعر بالمهانة أو الحصار فى زاوية ضيقة. وفى الواقع، روسيا أضعف مما تبدو عليه، لكنها لا تزال جريحة، وعلى استعداد دائم للهجوم.

الرئيس المقبل يجب أن يُقَيِّم كيفية تغيير السلوك الروسى دون مواجهة عسكرية مباشرة. لكن هل ذلك أفضل من خلال عقد الصفقات مع بوتين.

ترجمة- غادة غالب

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية